بينما أنا أسير صباحا وبشكل معتاد متجها إلى جامعتي التي ادرس بها اقف يوميا عند إشارة المرور المعتادة،وإذا بي أرى ذلك الجمال الرباني يمشي على البسيطة،كتلة نور،هي بذاتها حياة وعالم فريد من نوعه،تدور بين السيارات وتنادي بصوتها الذي أتخذ بداخلي متسع لا يتسع لغيره: ((فل..فل..الفل الطازج الجديد))..
كانت تحمل ذلك الفل بيدين من فل،كان الفل يشبه وجنتيها الجميلتين الساحرتين،ونور الشمس المشرقة ينعكس على خصل شعرها الأشقر،وعينيها الزرقاوتين كأنهما ضفاف نهر دجلة والفرات أو نهر النيل،أو إزرقاق البحر الأحمر،وشفتيها عندما تتحرك كأنها ورد الاقحوان عندما يهتز مع نسيم الهواء الصافي العليل..
ما قصدت بذلك الوصف سوء،لا والله ولكني ذكرت ما أبهرني،ناديتها: ((يا بائعة الفل..تعالي))فأتت ودار هذا الحديث..
أنا:ما اسمك؟
بائعة الفل:يسمين.
أنا: كم عمرك يا أموره؟
بائعة الفل:ثمان سنوات.
أنا:ولماذا لا تدرسين؟
بائعة الفل:توفي أبي وعددنا خمسة أطفال وأنا أكبرهم وأمي مصابة بمرض((الكوليرا)).
أنا:ما ثمن عقد الفل الكبير؟
بائعة الفل:خمسة ريالات.
فطلبتها واحدا وإذا بإشارة المرو تضيء اللون الأخضر،تقدمت عن ((يسمين))ثوان وإذا بي أسمع صرير إطارات،نظرت من المرآة الجانبية ,إذا بـ((يسمين))ملقاة على الأرض تسبح في دمائها،أوقفت المركبة واتجهت مباشرة إلى ((يسمين))لأجد ذلك الجمال ملقى على الأرض يلتقط آخر أنفاسه..
ثوان وتخرج روحها،وإذا بي أكتب هذا الموضوع وعيني غارقتين بالدموع...
ودي لكم .......... شذى الجوري